|

القبور والأجر المنثور  

الكاتب : الحدث 2021-08-21 12:25:56

بقلم / سالم جيلان 

صبيا وقراها تتميز بتكاتف وتعاطف كافة أفراد المجتمع مع ذوي الميت والوقوف إلى جانبهم في التأبين والتشييع للجنازة والدفن والمواساة والمشاهد من أرض الواقع حاضرة والكل يتفق على ذلك الأمر الجميل والذي يبعث الفخر في النفس بمثل هكذا عادات حثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف وكانت وماتزال باقية حتى وقتنا الحاضر…. وهي نعمة من نعم الله الجليلة.

غير أننا وللأسف نلاحظ بعض السلوكيات الخاطئة والمبالغة في مشاطرة أقارب الميت حزنهم عند القبر لدرجة "الغثاثة" وأعتذر على استخدام هذا المصطلح في موضوعٍ كهذا لكنها؛ حقيقة وواقع ملموس وأخص بالذكر أولئك الذين يتسمرون واقفين على شفير القبر من كافة جهاته الأربع للمشاهدة وتبادل الأحاديث وملاطفة أقارب المدفون وبحجة المساعدة والمساهمة في عملية الدفن بينما من يقومون فعلًا بدفن الجنازة ووضعها في اللحد هم أشخاص معدودين ومحدودين ومن يمدهم بالطوب والطين شخصان أو ثلاثة فقط!!!!!

القبور بإشراف البلديات واستخدام الآليات للحفر المبدئي لها أصبحت منظمة ومتقاربة جدًا ولذلك من السهل بمكان أن تنهال التربة منها بسبب التجمعات للواقفين من المشاهدين المتفرجين فقط بالعشرات حول حفرة قبر لا يتجاوز محيطها أمتار معدودة.

مشاركة المكلوم حُزنًا على فقيده برسالة جوال أو منشور أو الصلاة على الجنازة وحضور الدفن بالوقوف بعيدًا عن شفير القبر أو بالتواصل معه بطريقةٍ أو بأخرى بعد أن يتمالك نفسه ويبدأ بالخروج من دائرة الحزن بعون الله كافية ووافية إن استطعت القيام بإحداها أو ببعضها أو بجميعها فالله يكتب الأجر والثواب بعون الله… بعيدًا عن وقوفك لتصدر المشهد على فوهة القبر وتجاذبك للحديث مع أقارب الميت بكل ميانة وهم في حالة من الحزن والألم وكأنك وحدك من يشاطرهم في مأساتهم!!! 

مشهد الدفن للجنازة حسب تعاليم الإسلام وأحاديث وتوجيهات خير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يحتاج الهدوء والصمت والسكينة والوقار لكي تتحق للحاضرين بتوفيق الله الحكمة المرادة والمرجوة من كل هذا وهي:  "كفى بالموت واعظًا".

عندما تحدث مثل هذه المواقف عند الدفن نشاهد تدخلات لبعض العقلاء وهم يطالبون الواقفين المتجمهرين حول القبر بالانسحاب والابتعاد قليلًا حتى يصل الهواء والنور لمن يقبعون داخل حفرة القبر لإغلاق اللحد بهدوء وارتياح ولكن عبثًا يحاولون!!!! فلا مستمع ولا مجيب وكأنهم جميعًا معنيون بالوقوف للإشراف على عملية الدفن حتى يخرج القابعون المساكين ويبتعد الأقارب دون أدنى اهتمام بالناصحين.

مواقف متكررة دون وعي أو شعور وبلا استشعار لمشهد الوداع الأخير وكأننا لا نتعلم أو نستفيد… ذكرت في بداية مقالي هذا بأننا نرى معاني الوفاء وصدق المشاعر تتجسد في الوقوف مع أقارب وذوي أي ميت ويتعاطف معه الجميع وهذا الأمر مميز وفيه اتباع وتطبيق لشريعة الإسلام ويشهد به القاصي قبل الداني بل أصبح نموذجًا نفاخر به في أرجاء صبيا وعلى الصعيد الشخصي بحكم قربي من مقبرة العروج ومشاهد الجنائز من أيام والدي رحمه الله فلدينا في أحياء العروج والزبارة وعكاش وقطبة رجال وشباب وفتيان يقومون بأعمال خيرية وتطوعية لا حصر لها في المقابر ومع كل جنازة وهذه الشهادة لله لكن البعض منهم يكررون التجمهر عند القبر وقت الدفن والتحدث فيما لا طائل منه ولا يليق بالمكان والزمان.

أخيرًا… أسأل الله تعالى أن يكتب الأجر والثواب لكل من يقفون أنفسهم لفعل الخير وأن يجازيهم خير الجزاء على مايفعلوه في مشهد الموت وأن لا يحرمهم حسنات مايقدموه وأن يوفقنا جميعًا لاتباع منهج رسولنا الكريم وسلف الأمة في كل مكانٍ وزمان دون مبالغةٍ أو إسفاف حتى لا يكون …..الأجر عند القبور منثور.